أدلة تغطية الوجه من الكتاب والسنة
كتبها
: علي بن عبدالله العماري
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد
لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا
إله إلا الله قيوم السماوات والأرضين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الصادق
الأمين- صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد: فهذه نبذة يسيرة موجزة في وجوب التحجب والتستر للمرأة المسلمة عن الرجال الأجانب، وتحريم إبداء الزينة لغير المحارم الذين ذكرهم الله بقوله: ((ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن... الآية ))، وبيان ما في التكشف وإظهار الزينة من المفاسد والأخطار، وفي واجب الأولياء نحو محارمهم، وفي ذكر بعض الأدلة التي توضح وجوب التستر والاحتشام ومنع التبرج والتخلع والسفور، وفي مناقشة ما يشبه به المتساهلون في هذا الباب، وبيان سؤ أهدافهم وما يرومونه من دعاياتهم إلى الاختلاط وإبداء المحاسن، كتبها الأخ علي بن عبدالله العماري الذي عرف بالعلم، والفهم، والإدراك، والبحث، واستخراج المسائل، وعرف بالعقل والثبات والاتزان، ولم يعرف عنه شيء من التسرع والتهور. فجدير بالمسلم الذي يريد الحق أن يتقبل ما جاء به الدليل، وأن يتقبل الصواب ممن جاء به بقطع النظر عن قائله، ويرد الباطل على ما جاء به مهما كانت شهرته ومنزلته، فالحق أحق أن يتبع، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم
كتبه
الحمد
لله رب العالمين، أمر نساء المؤمنين بالحشمة والحجاب، وصلى الله على محمد
وآله وسائر الأصحاب وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين... أما بعد:
فقد
أمر الله تعالى نساء المؤمنين بالتستر وعدم إظهار الزينة لغير المحارم خوفا
عليهن من الفواحش والآثام كما قال تعالى: (( ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن
أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني
إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي
الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء)). فهؤلاء
الأصناف الإثنا عشر يجوز للمرأة المسلمة أن تظهر أمامهم وهي كاشفة عن وجهها
وكفيها ونحوهما؟ لأنهم من المحارم، أما غيرهم فلا يجوز لها ذلك.
ثم
جاء بعد ذلك من يجادل في أن الوجه والكفين
قد
استثنيا واستدلوا بهذه الآية (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها )) وبعض
الأحاديث كحديث أسماء، وحديث سفعاء الخدين، وقصة الخثعمية، ونهيه - صلى الله
عليه وسلم- أن تنتقب المرأة وتلبس القفازين وهي محرمة، وقصة الواهبة وغيرها
من ا لروايات.
لذا
عزمت وتوكلت على الله في ذكر أدلة المبيحين والرد عليها من الكتاب والسنة
وأقوال أئمة السلف والخلف رحمهم الله، ثم أذكر الأدلة الثابتة في وجوب ستر
الوجه والكفين عن غير المحارم من ذلك أيضا.
أولا:
يستدلون بآية سورة النور ((ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها)) وأن ابن عباس
قد فسرها بأنها الوجه والكفان.
ثانيا:
يستدلون بحديث أسماء- رضي الله عنها
1-
إن
الراوي عن عائشة يسمى خالد بن دريك لم يلق عائشة فالحديث منقطع، والحديث
المنقطع لا يحتج به لضعفه.
معنى
هذا أنها دخلت على النبي- صلى الله عليه وسلم- وهي مكشوفة أشياء أخرى من
الرأس أو الصدر أو الساقين أو ما شابه ذلك، وهذا الوجه الخامس يظهر من تأمل
المتن فيكون المتن بهذا المعنى منكر لا يليق أن يقع في أسماء- رضي الله
عنها-.
ثالثا:
يستدلون بحديث سفعاء الخدين الذي رواه جابر بن عبدالله عن النبي- صلى الله
عليه وسلم- عندما قال: "تصدقن فإن أكثركن حطب
جهنم " فقامت امرأة من سطة
النساء سفعاء الخدين فقال لم يا رسول الله؟ قال: "لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرون
العشير" إلخ. الحديث، والحديث
صحيح
أخرجه النسائي.
رابعا:
يستدلون بقصة الخثعمية التي جاءت تستفتي النبي- صلى الله عليه وسلم- فطفق
الفضيل ينظر إليها وأعجبه حسنها فالتفت النبي - صلى الله عليه وسلم- والفضل
ينظر إليها فأخلف بيده فأخذ بذقن الفضل فعدل وجهه عن النظير إليها... إلخ،
فقالوا: لو كان كشف الوجه محرما لأمر النبي- صلى الله عليه وسلم- المرأة أن
تغطي وجهها.
خامسا:
يستدلون بنهي النبي- صلى الله عليه وسلم- أن تنتقب المرأة وأن تلبس القفازين
في الإحرام.
سادسا:
يستدلون بقصة الواهبة التي جاءت إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- لتهب نفسها
فنظر إليها الرسول- صلى الله عليه وسلم- فصعد النظر إليها... إل.
وقبل
أن أشرع في ذكر الأدلة التي تأمر المرأة المسلمة بستر جميع بدنها بما فيه
الوجه والكفان أود أن أذكر القارئ الحبيب أن النساء كن على عهد النبي- صلى
الله عليه وسلم- يكشفن وجوههن حتى نزلت آيات الحجاب التي تأمرهن بتغطية سائر
"الجسد لقول عائشة أم المؤمنين- رضي الله عنها في قصة الإفك إن صفوان بن
المعطل السلمي عرفني حين رآني، وكان قد رآني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه
حين عرفني فخمرت وجهي بجلبابي. فلا يستبعد أن تكون جميع الأحاديث التي استدل
بها أولئك قبل نزول آيات الحجاب منسوخة بالآيات والأحاديث التي سنذكرها إن
شاء الله، خاصة أن آيات الحجاب قد نزلت في السنة الخامسة للهجرة، كما قال ابن
كثير- رحمه الله-.
الأدلة
التي تأمر المرأة المسلمة
بتغطية
سائر جسدها
الأدلة من
الكتاب:
ثانيا
:
قوله تعالى: ويا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من
جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما .
ثالثا:
قول الله تعالى: (( ولا يبدين
زينتهن إلا ما ظهر منها)) قال عبدالله بن مسعود- رضي الله عنه-
الثياب.
رابعا:
قول، الله تعالى: (( وليضربن بخمرهن على جيوبهن )) قال الطبري- رحمه الله- في تفسير هذه
الآية وليلقين خمرهن على جيوبهن ليسترن بذلك شعورهن وأعناقهن. وفي هذه الآية
دليل على تغطية الوجه لأن الخمار. هو الذي تغطى به المرأة
أولا:
قوله- صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه الترمذي، وقال عنه حسن غريب
"المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان " ففي هذا الحديث العظيم لم يستثن-
صلى الله عليه وسلم- منها شيئا بل قال: إنها عورة.
ثانيا:
فعن عائشة- رضي الله عنها- في قصة الإفك، والحديث الذي أخرجه البخاري
ومسلم
ثالثا:
عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع الرسول
- صلى الله عليه وسلم- فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها من رأسها
فإذا جوزنا كشفنا" رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة
رابعا:
حديث عائشة- رضي الله عنها- قالت: "رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم-
يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد" متفق
عليه.
خامسا:
عن
ابن عمر- رضي الله عنهما- أن النبي
-
صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تنتقب المرأة المحرمة ولا
تلبس القفازين " رواه الإمام أحمد والبخاري وأهل السنن
سادسا:
عن جابر- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "إذا خطب
أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل " فخطبت
جارية فكنت أتخبأ لها حتى رأيت ما دعاني إلى نكاحها وتزوجها. رواه الإمام
أحمد والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم.
وبعد
أخي المسلم أختي المسلمة: هل يشك عاقل
في
تحريم كشف الوجه والكفين لغير المحارم لوضوح الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة
علما أن كثير من أهل العلم ساق أكثر من عشرين دليلا من السنة في تحريم كشف
الوجه ولكن اقتصرت على هذه الأدلة حتى لا أطيل، ومن أراد التفصيل في هذه
المسألة فليرجع إلى مجموعة الرسائل/ في الحجاب والسفور لشيخ
الإسلام
ابن
تيمية- رحمه الله- وللشيخ عبدالعزيز ابن باز، وللشيخ محمد العثيمين- حفظهما
الله- وكتاب الشيخ حمود التويجري- رحمه الله- "الصارم المسلول على أهل التبرج
والسفور" وكتاب "يا فتاة الإسلام اقرئي حتى لا تخدعي " للشيخ صالح البليهي-
رحمه الله- و"الحجاب أدلة الموجبين وشبه المخالفين " للشيخ مصطفى العدوي-
حفظه الله- وغيرها من الكتب.
خاصة
أن نساء المؤمنين قد اعتدن هذه العبادة الطيبة الحميدة. أما في هذا الزمان
الذي كثر فيه التبرج والسفور والانحلال الخلقي من قبل الشعوب الإسلامية وغير
الإسلامية، والتشبه بالكافرات في الزينة وما يسمونها بالموضة، وانتشرت
الأصباغ التي توضع على الوجه فهل يرضى رجل في قلبه غيرة على محارمه أن تكشف
زوجته أو أخته أو قريبته أمام الأجانب وقد قال- صلى الله عليه وسلم-: "ما
تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء"، وهل يختلف اثنان في أن الوجه هو
محط الأنظار من قبل الرجال لأنه
هو
المكان الذي تعرف به المرأة هل هي جميلة أم لا.
وقبل
أن أختم هذه الرسالة أذكر إخواني المسلمين بحديث المصطفى. صلى الله عليه
وسلم- الذي رواه مسلم في صحيحه "إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها
فناظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل
كانت في النساء" وهذا الحديث يبين عظم وخطورة النساء إذا خرجن وهن نازعات
للحجاب.
والله
نسأل أن يحفظ أعراضنا ونساءنا من كيد الكائدين، وأن يجنبهن التبرج والسفور
وأن يجعلهن صالحات مصلحات وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
والسلام
عليكم ورحمة الله وبركاته
جمع
الفقير إلى ربه
علي
بن عبدالله العماري
الرياض
في 12/2/1414هـ |