لماذا يخافون من قطعة قماش؟!

أمريكية .. أسلمت حديثًا .. وقفت لتلقي محاضرتها .. في ملتقى للطلبة المسلمين في أمريكا .. قيل لها: هل أنت محجبة ..؟ فيجب أن تكوني كذلك لنتجنب الإحراج فالملتقى إسلامي. وسيكون فيه المسلمون وغيرهم على اختلاف جنسياتهم .. قالت: لا.. ولكني منتقبة..!!

تحدث أحد الطلبة الحاضرين عنها فقال: نظمت الجامعة التي أدرس بها أسبوعًا للتعريف بالإسلام أو أسبوعًا لاكتشاف الإسلام Discover Islam Week وهو منشط سنوي لاتحاد الطلبة المسلمين Muslim Students Association في الجامعة ولكن الغريب اللافت في هذا العام هو وجود أخت مسلمة أمريكية قدمت محاضرتها وهي ترتدي الحجاب .. لا بل ترتدي النقاب الكامل الذي لم يظهر من وجهها شيء!! وبالمناسبة فعندما اتصل بها أحد الإخوة المنظمين لدعوتها للمشاركة تلطف بسؤالها عن الحجاب لكونها سوف تمثل المجتمع المسلم أمام المجتمع الأمريكي وسألها بالنص: معذرة أيتها الأخت .. هل أنت محجبة لأنه كما تعلمين فسوف يكون من بين الحضور بعض الـ.. ولكنها قاطعته قائلة: ماذا تقول؟!! لا .. أنا لست محجبة .. أنا منتقبة!!!

وتحدثت أختنا في الله دانيا ويلمون Danya Welmon والتي أسلمت عام 1992 ثم تبعها في الإسلام زوجها 'تشارلز' وأطفالها الثلاثة، تقول: تأثرت بطبيب مسلم كنت أعمل معه وكان يأسرني بحرصه على أداء الصلاة خمس مرات ودار بيننا حديث عن الإسلام، دعاني لأن أقرأ بعض كتب أعطاني إياها ومن ثم دخلت في دين الله.

تحدثت دانيا ويلمون للحضور عن مقارنة بين مكانة المرأة في الثقافة الإسلامية وقارنتها بالثقافة الغربية وقارنت تحديدًا بين دور المرأة في كلتا الثقافتين كما ردت أباطيل القول باضطهاد المرأة في الإسلام، وقالت: إنها كانت تنظر للمرأة المسلمة بمزيد من الشفقة قبل إسلامها، وكانت تعتبرها مسكينة مضطهدة ولكني كنت حينها مخطئة تمامًا لأني حينها كنت لا أعرف شيئًا عن الإسلام، كما تحدثت عن الإسلام باعتباره الدين الوحيد الذي كفل للمرأة كل حقوقها، كما سردت في نظرة تاريخية مسيرة المرأة الغربية مع الدعوة لاكتساب حقوقها.

 المهم أن ما لفت نظر الجميع في المحاضرة هو حرص الأخت الفاضلة على حجابها الكامل، وأيضًا أنها لم تحضر للمدينة التي أقيم فيها الملتقى إلا وقد اصطحبت محرمًا لها هو زوجها الفاضل.

في الوقت الذي تشتعل فيه المطالبات والتصويتات والمظاهرات مطالبة بحق المرأة المسلمة في الحجاب في بعض الدول الغربية حيث ما زالت تطارد قطعة القماش مطاردة عجيبة غريبة، تستنفر لها الطاقات، وتسخر لها الاجتماعات الحكومية، والوساطات السياسية، والقنوات الإعلامية، كلها تهتف صوتًا واحدًا انزعي هذه القطعة!.

هل تفكرت أخيه في ذلك .. لماذا يخافون من الحجاب؟ من قطعة القماش؟! لأنهم يخافون العملاق .. يخافون الإسلام .. الحجاب شعيرة دينية .. إظهارها أداة دعوة .. قد نفهم دوافع الغرب الكافر في محاربة الحجاب وما يتصل به، لكن أن تأتي الدعوة إلينا بشكل مباشر أو شكل غير مباشر، هذا ما يوجب التوقف عنده والتأمل! ما فتئ بعض الكتاب وبعض المطالبين ممن أوتوا البيان وسحر اللفظ والعبارة في مطاردة قطعة القماش سخروا لها منتدياتهم، ومقالاتهم، وهمهم، وتأملاتهم، في كل مجلس تشغلهم، حتى في دخلوهم الخاطف إلى النت لا يتورعون عن إلقاء شبههم، وتضليل من خالفهم، ووصمة بالجهل والأمية، ومخالفة كلام العالم فلان والمصنف فلان، لكل حجة عندهم رد مجهز ومحور يقنع ضعاف التمسك أو من يحاول أن يتمسك بأي قشة تبرر منهجه. دعوتهم لكشف الوجه في هذه البلاد المباركة واختلاط النساء بالرجال، بل وفعل ذلك علانية، والتباهي به على صفحات الجرائد ونشرات الأخبار، لأمر منكر عظيم، وشرارة لها تبعاتها ما لم تجد مدًا كاسرًا يجرفها، ويبعدها، كل دعوات التحرر والضياع بدأت بدعوة كشف الوجه فلما وجدت تقبلاً باضت وفرخت ونكب بسببها من نكب وما زالت.

كم دخلت معهم في نقاشات وجدالات ومناظرات، وفي كل مرة أُتهم بأني قاصرة علم ..أو مبرمجة! أو في حالة من الجهل أو الأمية!! أو أنني أردد ما أسمع وما ألقن .. أو أنني إمعة .. إن أحسن الناس أحسنت وإن أساؤوا أسأت! إلى كل داعية فتنة واختلاط وهتك حجاب وفساد أقول: بيدي كتاب الله وسنة نبيه وسأخاطبكم بما تؤمنون به .. لم أذكر في كلامي قول أحد العلماء المعاصرين، ولا غيرهم من المتقدمين .. سمعت قوله تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور:31] فأطعت .. ولا يختلف اثنان أن أعظم زينة وفتنة في المرأة هي وجهها .. من تقول: إنهم اتفقوا على إباحة كشف الوجه، فقد اتفقوا على ستر ما هو أخف منه من قدم ويد .. اسمعي إلى أمي وأم كل غيورة .. أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ رزقني الله وأخواتي حسن التأسي بها .. ماذا تقول: 'إذن تنكشف أقدامهن!'ولست بحاجة إلى أن أذكركم بقوله تعالى: {وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنّ} [النور:31] انظر إلى النهي عن سماع صوت الخلخال خشية الفتنة وإظهار الزينة، فما بالكم فيما هو أعظم فتنة؟ وفي آية أخرى يقول تعالى: {فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ...} [الأحزاب:32]!! أسألكم بالله، هذا النهي عن الخضوع بالقول ألا يحمل من باب أولى النهي عن إبداء ما هو أعظمه منه! فبالعقل ما هو أعظم فتن .. الصوت أم الصورة؟! وأمي عائشة رضي الله عنها ألم تسمعي ما قالت وهو في صحيح البخاري: 'رحم الله نساء الأنصار، لما نزلت {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ} شققن مروطهن فاعتجرن بها فصلين خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما على رؤوسهن الغربان' وهنا يبطل ما تحتجون به في كل حين أن هذه الآية خاصة بنساء النبي صلى الله عليه وسلم وبناته!!

 فما علاقة نساء الأنصار! وكيف ستشبههن عائشة رضي الله عنها بالغربان لو لم يكن مغطيات لوجوههن! وعن المهاجرات الأول تقول لما نزلت {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} شققن مروطهن فاختمرن بها! 'الضرب' عدي بحرف الجر على. يعني من فوق من الأعلى .. كذلك الإدناء 'يدنين عليهن' وكيف يكون بلا ستر للجسم والوجه من أعلى الرأس إلى أخمص القدمين؟!

 والسنة النبوية حفلت بكثير من الأحداث والأدلة الصحيحة على وجوب تغطية الوجه! ما تفسيركم لقول عائشة رضي الله عنها: 'كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزنا كشفناه' وحديثها رزقنا الله حسن التأسي بها: 'كن نساء المؤمنات يشهدن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر متلفعات بمروطهن ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة لا يعرفن أحد من الغلس' والكثير الكثير من الدلالات في أحاديث آية الحجاب . ونظر الخاطب لمخطوبته! ولم يقل أحد من أهل العلم أن المرأة يجب عليها كشف وجهها، أو أنه الأفضل، إلا دعاة الفتنة ومرضى القلوب، وكل يؤخذ منه ويرد!! المنكر كل ما خالف كتاب الله وسنة نبيه، وكان فيه إشاعة لفاحشة وإعانة للشيطان على أبناء الملة الواحدة!!

أعداء المرأة في كل زمان ومكان هم من يريدون لها الانحراف عن الشريعة الغراء هم من يريدون منها كشف وجهها وفتنة غيرها. استمر الحجاب الشرعي وتغطية الوجه حتى منتصف القرن الرابع عشر الهجري .. يوم أن تفككت الدولة الإسلامية إلى دول .. وغزى أكثرها الاستعمار .. فنالها من خطوات التغريب فيها ما نالها .. والحافظ ابن حجر يقول في فتح الباري شرح صحيح البخاري: 'لم تزل عادة النساء قديمًا وحديثًا يسترن وجوههن عن الأجانب'. بدأ نزع الحجاب في بلاد مصر .. تركيا .. ثم الشام والعراق. انتقل إلى المغرب الإسلامي .. وها هو البلاء يدخل جزيرة العرب فلا حول ولا قوة إلا بالله. فالحجاب الشرعي أو تغطية الوجه ليس أمرًا سعوديًا كما تحاولون أن تربطوا دائمًا .. تعرفت في الحرم المكي على نساء قدمن من بلاد بعيدة .. من مصر والشام .. من تركيا والمغرب الإسلامي .. من بلاد بخارى وتركستان .. من بنجلاديش والشرق الأقصى .. فيهن من غطت وجهها وكفها وقدمها .. بل إن فيهن من تفوق نساءنا حجابًا وسترًا وحشمة! دليلهن في ذلك كتاب الله وسنة بنبيه صلى الله عليه وسلم!! وما نراه من انحراف حجاب أهل بعض تلك البلاد وبلادنا لهو نتاج طبيعي لخطوات التغريب وإشاعة الفاحشة حتى لم يعد الحجاب المنتشر عند بعض النساء يفي بالغرض الذي من أجله شرع بل أصبح حجاب فتنة وإغواء وتقديم للتنازلات. أما السفور فهو الخلاعة والتجرد مما يستر أي جزء من بدن المرأة .. والحديث مع الرجال والجلوس معهم بلا حاجة ولا ضرورة تبيحها الشريعة ..تقولون: إننا نستنكر مشاركة المرأة ولو بالصوت! نعم نستنكر ونشدد على هذه القضية .. فهي أصل البلاء .. والاتصال الصوتي يكون بقدر الحاجة والضرورة الشرعية .. من غير استطراد ولا إطناب ولا تليين خاضع في الأداء!! حتى في مجال الكتابة في الإنترنت فلي رأيي في ذلك وقناعتي التي وصلت إليها ورأيت أنها الأسلم والأولى بالإتباع!!

فهل تظنون أنني أتسامح في المنكرات ولو كانت بالكتابة والحروف!! هل تظنون أنني أُعجب بأن أرى أخواتي يختلطن مع الرجال في المنتديات بكلمات يظهر فيها الخضوع بالقول والحديث عن أمور شخصية وتبادل كلمات الإطراء والإعجاب؟! وهل تظنون أنني أرحب بأن تناطح المرأة الرجال في منتدياتهم وتتعرض لما تتعرض له من أخطار قد تصل إلى التشهير بها؟! بل إنني أرى أن الإنترنت يجب أن يمنع في حق بعض النساء! وفي الوقت ذاته أرحب بأن تكون المشاركة في الإنترنت مساعدة للأخوات ونشر الخير والفضيلة والرد على من يدعون الحديث باسمنا والرفق بنا والدفاع عنا. عشنا في وسط شبه مختلط! رأينا للحجاب الشرعي حكمًا أخرى كثيرة أرى أخواتنا يغفلن عنها! ازددنا به تمسكًا واعتزازًا وإليه دعوة ..! فهو حجاب عن الفتنة .. عن المضايقة .. عن الفاحشة .. عن النار!! أسألكم بالله .. ما الذي يضركم لو غطت النساء وجوههن؟ لماذا تنتفضون غضبًا وتنثرون كلماتكم الغاضبة في كل مجلس يفتح فيه هذا الموضوع؟! ما الذي يزعجكم في قطعة قماش تغطي بها المرأة أعظم فتنة بها؟! إن كانت الأمية في نظركم أن أحافظ على حجابي وحيائي وحشمتي من أنظار الرجال!! إن كانت الأمية في نظركم أن لا أَفتن ولا أُفتن! فمرحبًا بهذه الأمية!! وسأستمر في نشرها والدفاع عنها في أصقاع الأرض!! الحجاب الشرعي .. تقوى .. طهارة .. عفاف ونقاء! إن نفسي طويل في هذه المسألة .. وأظن أن لدي من العلم ما أدحر به شبهاتكم .. ومن المعرفة بخطط دعاة التغريب ما أفضح به حرصهم على شهواتهم!! ظلت زميلة لي أربع سنوات وهي تحاور وتحاول أن أتنازل عن تغطية أظفر مني .. وبعد انقضاء السنوات ارتدت هي النقاب! وأنت أيتها الشريفة العفيفة، كتب لك أحدهم هذه الكلمات فقال: 'صوني جمالك في علاك، عرف الطهارة من رآك، سير على أمل، ولا تتعثري بين الشباك، وإلى كمال النفس بالإيمان فلتصعد خطاك، من شاء أن يحيا قريرًا هانئ البال اصطفاك، أو شاء عُشًا حافلاً باليمن لم يختر سواك، أو شاء جيلاً صالحًا طابت مغارسه اجتباك، لله درك يا ابنة الإسلام ما أبهى سناك، بنوابع الآمال تلحفنا فتنعشنا يداك، وتحيل دنيانا كروض ناضر الأغصان ذاكي، وإذا انتميت فإن دين الله في شرف نامك، وبكل آية النجابة والكرامة قد حباك، هذا سبيلك فاسلكيه فإنه مسرى علاك'.