مذكرات ذات الخمار
ياسر عبد الكريم التركي - منقول من موقع الشبكة الاسلامية

أم علي .. كنية يبدو لأول وهلة أنها كنية لامرأة عربية، ولكن هذه المرأة أمريكية الأصل والمنشأ ، ولدت وترعرعت في الولايات المتحدة الأمريكية ، تعرفت عليها زوجتي هنا خلال دراستي في أمريكا ، منّ الله عليها بالإسلام ، فتبدل حالها بشكل عجيب .

المرأة الأمريكية ، الأصل فيها التعري ، وهذا يلحظه كل من يزور أمريكا ويمكث فيها مدة يسيرة ، وكان هذا الأمر مثار استغراب لي عند أول مقدمي ، ليس لأني لم أكن أتوقع ذلك ، ولكن لأن المرأة الأمريكية تبدي من جسدها أكثر مما يبديه الرجل ، بل حتى في الأيام الباردة جداً يأتي بعضهن للجامعة وقد عرين كثيرا من أجسادهن .
 

سألت زميلي الأمريكي عن ذلك فقال : تفعل النساء ذلك ليظهرن جاذبيتهن الجنسية !!
فقلت : سبحان الله الذي أكرم المسلمة من أن تستجدي الرجال ليعجبوا بها، وقصر ذلك على زوجها ، وجعل إشباع رغبتها في ذلك حقاً من حقوقها .

على أية حال  " أم علي " كانت من أولئك الأمريكيات اللاتي ليس لأحد، كائناً من كان ، أن يفرض عليها لباساً معيناً ، أو أمراً لا تريده ما دامت لا تخالف القانون .

أسلمت هذه المرأة ، وتزوجت من أمريكي مسلم ، فأنجبت منه أطفالاً أكبرهم علي ، فصارت  تكنى بـأم علي .
من أشد الفروق بين المجتمع المسلم والمجتمع الغربي الأمور المتعلقة بالمرأة ، لذا فإن من أكبر العوائق أمام الأمريكيين الذين يريدون الإسلام طريقة حياة المرأة عندهم ، وعلاقة المرأة بالرجل ، والرجل بالمرأة .

لقد فوجئ المركز الإسلامي عندنا برسالة من أحد الأمريكيين المسلمين يفيد بأنه ترك الإسلام لأنه لا يستطيع أن يمتنع عن العشيقات !!

لذا أتعجب أشد العجب ممن يستطيع أن يخلص نفسه من مسلّمات المجتمع الأمريكي ، ثم يدخل في الإسلام ، و"أم علي" حين أسلمت كانت تعرف ذلك كله، وتعرف أن عليها في الإسلام الستر والحشمة ، ليس هذا فقط ، بل لا بد من الحجاب .
لقد تحولت أم علي إلى امرأة أخرى  تماما ،  سبحان الله مغير القلوب والنفوس والطباع ، أصبحت لا تخرج من بيتها إلا متحجبة بالحجاب الشرعي الكامل ، بما في ذلك تغطية الوجه نعم أصبحت هذه المرأة لا تخرج إلا متنقبة ! أمريكية متنقبة !!

ليس هذا فقط ؛ بل اشتهرت هذه المرأة عند النساء - ومعظمهن عربيات - بأنها نادرة الخروج من بيتها ، سألت زوجها عن ذلك ، فقال : أنها تمتثل قوله تعالى: ( وقرن في بيوتكن ) وإن المهمة الأساسية للمسلمة هي القرار في البيت وتربية النشء .
عندما عايشت هذه القصة تملكني فرح وسرور من جهة ، وأسى وحرقة من جهة أخرى .

نعم فرحت أشد الفرح ، عندما علمت أن هذه المرأة الأمريكية استطاعت بإيمانها بالله سبحانه أن تغير نمط حياتها كاملة ، وأن تتحجب الحجاب الكامل مع النقاب  ؛ أقول الحجاب لأن المرأة الأمريكية إذا أسلمت أصبحت مميزة بحجابها ، فإذا غطت وجهها صارت لافتة للنظر ، وربما  مثار استغراب وغمز وهمس ، لذا اغتبطت بأم علي حينما استطاعت تجاوز هذه العقبات ، والثبات على حجابها كاملاً ، في الوقت الذي تستطيع فيه  خلعه وليس لأحد أن يجبرها على ذلك !
هذا شعور الفرح والسرور ، فلم شعور الأسى والحرقة ؟!
إنها حرقة في القلب تشتعل ، وأسى في النفس يلتهب ، عندما ترى بعض نساء الجزيرة العربية وقد تساهلن في الحجاب ، فهذه كشفت وجهها  والأخرى بغطاء خفيف يظهر جماله وفتنته ويخفي قبحه وحقيقته ، وثالثة تلثمت ، ورابعة وخامسة ... وعاشرة ...، حتى أصبحنا لا نكاد نرى المسلمة المتحجبة الحجاب الشرعي الذي كان هو السائد قبل سنوات قليلة.

سبحان ربي ! ألم يترب هؤلاء النسوة على فرضية الحجاب سنوات طويلة ، ما الذي حدث ؟! لماذا تخلت هذه الفئة من النساء غير القليلة عن مبادئها وأصول فطرتها وتربيتها ؟
سنوات طويلة وهي تتزين بالستر والحشمة ، ثم إذا هي تتحول في سنوات قصيرة إلى مرتع خصب للتبرج والسفور وإظهار الفتنة ، سنوات طويلة  وهي  تتميز بالحياء الكبير الذي يمنعها من كل سوء ونقيصة ، ثم إذا هي في سنوات قليلة ، يصبح الرجل العفيف أكثر حياءً منها !
ألا ترون في الأسواق والشوارع أن هؤلاء النساء يخرجن للسوق متجملات بكل أنواع الزينة ؟!
هل من حياء بنت الجزيرة أن تخرج للناس مفاتنها ؟!
هل من حياء بنت الجزيرة أن تزين وجهها للناس - بكل ما تستطيع - حتى لو كان ذلك بحجاب التبرج ؟!
هل من حياء بنت الجزيرة أن تلبس العباءة الضيقة أو الشفافة ؟!

هل من حياء بنت الجزيرة أن تلبس القصير والمفتوح لتعرض مفاتن جسدها على المارة من الشباب ؟!
وهل من حياء بنت الجزيرة ألا تبالي بخدش حيائها ؟!
رسالة إلى أم علي :
أم علي : أتمنى ألا تري هذا الصنف من بنات الجزيرة ؛ حفيدات الصحابة كما تعتقدين ، وأقرب الناس لأمهات  المؤمنين كما تظنين .
أتمنى لك التيسير لأداء فريضة الحج والعمرة ، ولكني أخاف عليك من الصدمة والمفاجأة ، فياربّ لطفك وتثبيتك !.

مجلة (الأسرة: 91)